شيء ما يحدث للإسرائيليين في المدة الأخيرة. يستهلكون كميات أكبر من المواد الغذائية المُشبعة بالدهون والسكر. يجب أن يكون السكر عُنصرًا مُتواجدًا قبل الوجبات الثابتة، لدى الأطفال في المدرسة، البالغين في المكاتب، لدى الجد والجدة في نهايات الأسابيع وفي الأعياد. يجب أن تحتوي وجبات نهاية الأسبوع على الحلوى وما تيسر من الشوكولاته. تُقدم المقاهي عددًا لا حصر له من تشكيلات المخبوزات والكعك المحلاة. تُقدم برامج طبخ خاصة دروس كاملة تتعلق بطريقة تحضير كعك الجبنة المثالية أو كيفية تحضير كعكة الشوكولاته الأفضل والأكثر احتواءً على “المفاجآت الحلوة”. تحوّلت مشاريع نحلات الحلويات إلى أشهر من نار على علم في كل حي في إسرائيل والإقبال على الحلويات هو أمر غير محدود حتى في المناطق النائية من إسرائيل. تُقدم محطات الوقود خدمة أماكن الاستراحة التي تُشبه المقاهي والتي تقدم القهوة وقطعة معجنات حلوة ويكون ثمنها رخيصَا ومُتاحًا لكل شخص. والنفس، كما هو معلوم، لا ترضى بسهولة التنازل على “الحلو”.
يتسبب الزمن العصري، الذي نعيشه، بحدوث تغييرات كبيرة بالعادات الغذائية البشرية. فإن كانت الحلويات تُقدم سابقًا في المناسبات العائلية وفي الأعياد، نجد أن الحلويات باتت عادة يومية، وهي بمثابة الوقود اليومي الذي نبدأ معه نهارنا ويُبقينا يقظين وفعّالين. لأن الحياة تسير بإيقاع سريع، كل شيء مُتعلق بالوقت والوقت مورد هام لا يجب تبديده. دائمًا هناك ميل لاحتساء قهوة مُحلاة أو كربوهيدرات محلاة. الرأي السائد بين الإسرائيليين هو أنه دون الأطعمة حلوة المذاق “سنعاني من مزاج سيء”، “لا يمكن إنهاء النهار دون تناول حلويات”. القضية هي أن السكر هو الذي قد يكون سبب التعب وتقلّب المزاج.
المذاق الحلو يؤدي للإدمان مثل الكوكايين
هناك حقيقة علمية مُثبتة وهي أن السكر يُسبب الإدمان مثل الهيروين والكوكايين. ترفع الحلويات والمخبوزات الحلوة نسبة السكر في الدم بسرعة كبيرة ومن ثم تؤدي إلى حالة هبوطها. هنالك تأثيرات سلبية لذلك الهبوط الحاد في نسبة السكر في الدم سواء من ناحية نفسية أو جسدية.
كيف يحدث ذلك تحديدًا؟ هناك مستقبلان على لساننا من مستقبلات تمييز المذاق الحلو. لم يكن في السابق السكر المكرر، الذي هو نتاج صناعي، موجودًا. في حال أراد الناس تناول طعام حلو، كانوا يأكلون الفواكه الطازجة والمجففة، خضراوات حلوة (في مرحلة لاحقة) وعسل (بشكل قليل).
يجعل الاستهلاك الكثيف للإنسان العصري للسكريات مستقبلاتَ الذوق تعتاد على وجود السكر وتُظهر ردات فعل فقط في حال وجود كميات كبيرة منه. يُطّور مركز الاستمتاع في الدماغ، المُرتبط بالمستقبلات، تعلقًا متزايدًا بالسكر – تمامًا كالتعلق بالمخدرات.
السكر هو قاتل متخفٍ
تأثير استهلاك السكر علينا هو أمر مُدمّر. يؤدي السكر إلى سمنة مُفرطة، سُكري الشباب وسُكري البالغين، دهون في الدم، سرطان، أمراض القلب، تسوس الأسنان، أمراض اللثة، إدمان على الكحول، ميل للكآبة، مشاكل بالإصغاء، توتر وغير ذلك. كما ويُضعف جهاز المناعة ويُحفز على إنتاج خلايا سرطانية، وتلك الخلايا بحاجة لكميات كبيرة من السكر لكي تُنتج طاقة لها عن طريق التخمّر.
تعج الصناعات الإسرائيلية بمُنتجات مُشبعة بالسكر. لا يعرف غالبية الناس أن حبوب الصباح تحتوي على نسبة 40% من السكر. السكر هو مُحّسن مذاق ممتاز وهو موجود بشكل مُستتر في العديد من المواد الغذائية، سواء كانت مخبوزة، مقلية، مطبوخة، مُجمدة، محفوظة أو مُجففة.
وجد بعض الباحثين الإسرائيليين، خلال بحث عشوائي أجروه في بيوت عديدة في إسرائيل، أنه في العائلة، كمعدل، 40% – 45% من المواد الغذائية تحتوي على سكر مُركّز: بداية من البوظة، مُشتقات الحليب الغنية بالفواكه، الشكوكولاته، الكعك والمخبوزات على أنواعها وكذلك الفواكه الغنية هي أيضًا بالسكر (البطيخ، التوت والعنب).
يحتفلون من خلال السُكَّر
ويبدو أن الإسرائيليين، في حال كانت كل هذه المعلومات لا تكفي، فهم موجودون في مجموعة الخطر المُعرّضة للإصابة بمشاكل صحية نتيجة الاستهلاك المُفرط للسكر الصناعي والمُكرر. يكمن السبب وراء ذلك في كثرة الأعياد وولائم أيام نهاية الأسبوع الغنية بالمأكولات الحلوة.
من المعتاد في مساء كل يوم جمعة، حسب التقاليد اليهودية، تناول وليمة عائلية؛ كنوع من التواصل الاجتماعي – الديني استقبالاً ليوم السبت، الذي يُعتبر يوم الراحة المُقدس عند اليهود. عادة ما تنتهي هذه الولائم بالحلويات المُشبعة بالدهنيات، الكربوهيدرات والسكر: كعك وبسكويت مُغطى بالقشدة الدسمة.
تجعل كثرة الأعياد اليهودية أيضًا الكثير من الإسرائيليين هدفًا سهلاً للسكر. تجري العادة في عيد المساخر، أن يتم تحضير كعك، على شكل مثلثات، محشي بالشوكولاته، خشخاش وأنواع حشوة حلوة مُختلفة. وتجري العادة أيضًا، في عيد الأنوار، تناول طبق معجنات مقلي محشي بالمربى والعديد من أنواع حشوات القشدة المُختلفة طوال ثمانية أيام. يأتي تناول الحلويات، في عيد رأس، كوصية دينية احترامًا للسنة الجديدة: عسل وكعك تفاح وتمر. وتحتفل طوائف يهودية، مع انتهاء عيد الفصح، بانتهاء الامتناع عن تناول المُعجنات ويُقدمون على موائدهم العديد من الحلويات المصنوعة مع العسل، عجينة جوز، مُربى ومُشتقات حليب محلاة.
كعكة في وجبة الصباح تساعد على الحمية الغذائية؟
أظهر بحث إسرائيلي تم إجراؤه قبل نحو ثلاث سنوات، في جامعة تل أبيب، أن الحمية التي تتضمن وجبة فطور مُشبعة بالكربوهيدرات والبروتينات تساعد على إنقاص الوزن ومنع عودة زيادة الوزن. السبب: يؤدي تناول السكريات إلى تقليل الإحساس بالجوع من خلال هبوط الهرمون الذي يُسبب الجوع.
وقال الباحثون “غالبًا تؤدي الحمية إلى تقليل الوزن، إنما غالبية الأشخاص لا ينجحون بالحفاظ على ذلك الوزن وخلال فترة قصيرة يعودون إلى حالة السُمنة المُفرطة. يؤدي انخفاض الوزن، بالمقابل، إلى زيادة الإحساس بالجوع، الرغبة بتناول الكربوهيدرات (التي يتحوّل جزء منها إلى سكريات عند الهضم) وزيادة هرمون الجوع. لكن وجبة الفطور الغنية بالبروتينات والكربوهيدرات تساعد على تقليل الهورمون ومن ثم منع زيادة الوزن ثانية. تساعد هذه الطريقة الناس على الحفاظ على وزنهم لفترة طويلة”.
وباء على مستوى عالمي
ليس الإسرائيليون وحدهم مُدمنين على السكر. تحاول الحكومات ومُنظمات صحية حول العالم محاربة وباء السكر الذي يؤدي إلى أمراض كثيرة. بدأت الموجة الطبية لمحاربة السُكر في الولايات المُتحدة في أوائل الثمانينيات بعد سنوات من استهلاك الشعب الأمريكي للأطعمة السريعة والمشروبات الغازية المحلاة. كلما تقدم العلم أكثر تظهر المزيد من الجوانب المُظلمة التي تتعلق بالقدرات المُدمّرة للسكر المكرر.
لا يستطيع جسم الإنسان، حقيقة، التخلي عن استهلاك السكر. إنما الحكمة هي في أنه بدل أن نكون مُتعلقين بالسكر المُكرر، علينا أن نُضيف لغذائنا اليومي أطعمة طبيعية حلوة المذاق (خضراوات: ذرة، جزر، شمندر، قرع، بطاطا حلوة، بطاطا عادية. فواكه: موز، تفاح، تمر وأجاص). توفر هذه العناصر للجسم الطاقة المطلوبة بشكل مُعتدل ومتوازن.