تلتقي أمهات فلسطينيات وإسرائيليات في بيت جالا في الضفة الغربية. هذا ليس مشهدا شائعا، ولكن أوجه التشابه بينهن أكثر من أوجه الاختلاف. ثكلت كل واحدة منهن ابنا، أخا، أو والدا أو والدة، بسبب الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الدامي. الآن يعملن معا على مشروع أزياء، يطرّزن نماذج فريدة على الأحذية ويبعنها. تأتي النساء من أجل العمل بنشاط، ولكن من حين إلى آخر أيضًا يدردشنَ، يتحدثن عن عافية بعضهن البعض، عن سلامة الأسرة والأطفال الذين تبقوا. وقد أجرى مراسل أخبار القناة الثانية الإسرائيلي أوهاد حمو مقابلة معهن في ملتقاهن في بيت جالا.
“كيف لا يمكن أن أتشوق؟ هذا ابني”. قالت روبي دملين بصوت مخنوق من الدموع. “لا يهم كم من الوقت مضى منذ ذلك الحين”.
في البداية بدا عقد هذه اللقاءات لهؤلاء الأمهات غير ممكنًا. يبدو كل إسرائيلي لهن عدوا، “في نظري هذا أمر غريب أنني قد بدأت أرى هؤلاء النساء. عندما صافحت امرأة إسرائيلية للمرة الأولى- اهتممت بغسل يدي بالصابون. شعرت أن يدي متسخة”، كما قالت عائشة أقطام، بصراحة، وعانقت صديقتها الإسرائيلية روبي.
“نشعر بالكثير من السعادة عندما نلتقي”، كما تقول نيطع شيمش، التي قُتلت والدتها وأخوها في العمليات. “وهناك أيضًا الكثير من الحزن طوال الوقت. إنها هناك دائما”. لقد قُتلت والدة نيطع عندما كانت طفلة. “تزوّجتُ من دون مشاركتها، وكان صعبا جدا عليّ ألا يكون اسمها مسجلا على دعوة حفلة الزفاف. ولدتُ بناتي من دون أن تكون معنا. وأصبحت، للوهلة الأولى، معتادة على العيش من دونها، ولكن في بعض الأحيان أشعر أنه ينقصني شيء ما، ولا أعرف أن أحدد اسمه”. بعد مرور تسع سنوات، قُتل شقيقها الأكبر. “ربما من الجيد أن أمي قُتلت قبله”، كما قالت بألم في مراسم الذكرى في منتدى العائلات الثكلى.
تتجمع النساء حول الطاولة، يطرّزن على الأحذية، ويبعنها. تُقدّم العائدات إلى النساء الفلسطينيات. من بين سكان الضفة، ربما تكون النساء هنّ المجموعة الأضعف، ويهدف هذا المشروع إلى دعمهنّ اقتصاديا أيضًا، وليس فقط نفسيا، وإلى مساعدتهنّ على الخروج من المنزل وكسب الرزق بكرامة. “بعد ما فقدتُ ابني، بقيت في المنزل لمدة أربع سنوات. لم أخرج منه أبدًا”، كما قالت بشرى عواد من الخليل، وهي ناشطة اليوم في المشروع.
ليس سهلا أن نقرر إذا ما كانت هذه اللقاءات تثير الحزن واليأس أم السعادة والأمل. من جهة، فإنّ كل واحدة من هؤلاء النساء تستيقظ كل صباح وتعيش ألمها الخاص، وليس هناك شيء سيعيد إليهن عزيزهن، الذي فقدنه. “دموعنا نفس اللون”، كما كُتب خلفهنّ. يقلنَ إن الحظّ أعمى، ولكن هؤلاء النساء نجحن في الترفّع عن مشاعر الغضب والانتقام، وأعينهنّ مفتوحة على مصراعيها لرؤية ألم فقدان صديقاتهنّ، سواء كنّ فلسطينيات أو يهوديات.