لقد فاجأت خيبة الأمل التي أصابت السلطة الوطنيّة الفلسطينية من مجلس الأمن كثيرين ظنوا أن محاولة إحراز الأغلبية لصالح الاستقلال الفلسطيني ستنجح.
من المفهوم أن القرار لم يكن لينجح بأي حال بسبب استخدام أمريكا حق النقض، لكن يبدو أنه ما للفلسطينيين من سبب يدعوهم ليدركوا أن الفشل الدبلوماسي كارثة. كما أن نجاح الفلسطينيين سابقا في الأمم المتحدة لم يحرز أي إنجاز يُذكر يمكن له أن يقدم استقلالهم، حتى وإن كانت الأمم المتحدة قد تبنت القرار، فإن الدفعُ بهدفهم قدُما لم يكن مؤكدا.
فيما يبدو، اتخذ مجلس الأمن منذ بداية طريقه تقريبا سلسلة قرارات كان ينبغي لها أن تُحسّن حال الفلسطينيين، لكنها حقيقةً لم تثمر أي نتيجة فعلية.
في كانون الأول، اتخذ مجلس الأمن القرار رقم 194 التاريخيّ، الذي كان المحاولة الأولى لحل النزاع الإسرائيلي العربي بعد حرب استقلال إسرائيل. الأصل في نشر قرار 194 كان بفضل البند 11، المتعلق بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي وُجدت خلال الحرب، وهي معضلة تحوّلت مع مرور السنين إلى الدعوى المركزية للفلسطينيين في نضالهم ضد إسرائيل. أما قيمةُ القرار، تفسيره والدلالات المترتبة عليه فقد بقيت محل خلاف ونظر.
يقضي نص القرار بأنه “يسمح للاجئين الذين يريدون العودة إلى منازلهم والحياة بسلام مع جيرانهم بأن يعودوا في أقرب فرصة عملية ممكنة. لأولئك الذين يفضلون أن لا يفعلوا، ستُدفع لهم مقابل أملاكهم تعويضات حسب معايير القضاء الدولية”.
ادعت جهات عربية أن هذا القرار يقضي بأن للفلسطينيين الحق في تطبيق حقّ العودة. أما إسرائيل، المعارضة البتّةَ لعودة اللاجئين وأعقابهم، فتدعي أنه وحتى اليوم بما أن الحديث لا يدور عن لاجئين معنيين “بالعيش بسلام مع جيرانهم” الإسرائيليين، فينبغي حل هذه المشكلة بدفع التعويضات.
سواء أكان هذا أم ذاك، حتى اليوم لم يفضِ القرار 194 إلى أي تقدم أيّا يكنْ في وضع اللاجئين. كذلك فشلت بنود القرار الأخرى التي انهمكت في إقامة لجنة مصالحة بين إسرائيل والدول العربية، لأن الدول العربية أصرّت على رفض الاعتراف بإسرائيل والتصالح معها.
بعد 19 عاما ، في أعقاب حرب 1967 تلقى مجلس الأمن القرار الأهم فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي العربي، وهو القرار 242. دعا القرار، الذي اتُخذ بهدف إحلال “السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط”، إلى إنهاء القتال، إيجاد حل لمشكلة اللاجئين، الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة في الضفة، قطاع غزة، سيناء والجولان، وإلى تأمين سلامتها الحدودية واستقلالها السياسي مثلها مثل باقي دول المنطقة.
لكل جانب كانت نقاطه القوية والضعيفة في أعقاب هذا القرار. لقد رحب الجانب العربي بطلب الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي احتلتها، ويستعمله لحد اليوم، لكن لم يكن مستعدا للموافقة موافقة كاملة على “تأمين السلامة الحدودية لإسرائيل”، التي كانت الدول العربية تطمح للقضاء عليها. لقد سُرَّت إسرائيل بعد الاعتراف بكامل الدولة الجغرافي، لكنها لم ترد الانسحاب من المناطق التي احتلتها.
مع ذلك، أظهرت مصر، الأردن وإسرائيل موافقتها الفورية تقريبا على المبادرة. أبدت سوريا موافقتها أيضا في فترة حكم حافظ الأسد. لقد تحفظت فتح من القرار الذي لم يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، لكنها بعد ذلك وافقت عليه.
تدعي إسرائيل إلى اليوم أن القرار يتحدث عن الانسحاب من قسم من المناطق التي احتلتها، وليس عن كلها. كان هذا القرار أصل المباحثات التي أدّت لانسحاب إسرائيل الكامل من سيناء وتوقيع معاهدة السلام بينها وبين مصر. لكن رغم تنازل إسرائيل عن مطالبها الحدودية في الضفة الغربية، لم ينجح الفلسطينيون في استغلال القرار كأصل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
خلال حرب 1973 أصدر مجلس الأمن قرارين آخرَيْن: 338 و 339 واللذان طالبا بوقف إطلاق النار الفوري بين إسرائيل ومصر وتطبيق القرار 242 نهائيا. رغم القرار 338، استمر الإسرائيليون والمصريون بالقتال حتى بعد صدوره، مما اضطُرّ المجلس لاتخاذ قرار آخر. لكنّ هذه القراراتِ كلَّها لم تؤدِّ إلى إنهاء القتال بين مصر وإسرائيل وطبعا لم تُحسّن من وضع الفلسطينيين.