يُحيي ملايين المسلمين في العالم في هذه الأيّام عيد الأضحى، الذي يُحتفَل به لمدّة أربعة أيام. لا جديد في ذلك. لكن قد يفاجئكم التشابه بين قصة العيد الكبير لدى المسلمين وبين رواية شبيهة معروفة جدًّا، ترد في الكتاب المقدس الذي يؤمن به اليهود.
كما هو معلوم، جاء اسم “عيد الأضحى” من قصّة “تقريب إسماعيل” من التقليد الإسلامي، الموازية لقصة “تقريب إسحاق” المذكورة في التوراة. يروي القرآن أنّ النبي إبراهيم رأى حُلمًا يذبح فيه ابنه. وتحدد التقاليد الإسلامية أنّ هذا الابن كان إسماعيل، خلافًا للكتاب المقدس الذي يروي أنه إسحاق.
وفق التقليد المقبول لدى معظم المسلمين السنّة، روى النبي إبراهيم الحلم لابنه، فأجاب ابنه أنّ على أبيه أن ينظر إلى الحُلم كأمر إلهي ويقدّمه محرقة. قبِلَ النبي إبراهيم تفسير ابنه، صعد إلى جبل عرفات في مكّة، وعزم على ذبح ابنه إسماعيل ليُثبت إيمانه القويّ بالله. رأى الله ذلك، وأرسل للنبي إبراهيم الملاك جبريل وكبشًا يذبحه بدل ابنه.
من الاختلافات الأخرى بين الروايتَين اليهودية والإسلامية هو مكان تقديم الذبيحة. فوفق رواية الكتاب المقدس، أراد إبراهيم تقديم ابنه إسحاق في جبل المريا، وهو الحرم القُدسيّ في أيامنا. أمّا التقليد الإسلامي فيذكر أنّ الله طلب من إبراهيم تقديم ابنه إسماعيل على جبل عرفات في مكّة.
ووسط كلّ هذا التعقيد، يذكر بعض الشيعة أنّ الابن الذي كان سيُقدَّم قربانًا لله كان إسحاق، كما يؤمن اليهود. بهذه العقيدة، يعبّر الشيعة عن امتعاضهم من العرب السنّة بسبب التحامُل والتمييز ضدّهم، إذ إنّ الأكثرية الساحقة من الشيعة من غير القبائل العربية.
الدروز أيضًا يُحيون عيد الأضحى في نفس التاريخ الذي يُحيي فيه المُسلمون العيد، رغم أنّ عادات العيد لديهم مختلفة. وهذا هو العيد الأهمّ لأبناء الطائفة الدرزية.
يُكثر الدروز، لا سيّما المدعوّون “عُقّالًا”، من الاجتماع في الخلوة في هذه الأيام. تُعتبَر هذه الأيام العشرة المقدّسة (الليالي العشر) أيّامًا مباركة، وثمة رجال دين دروز يصومون هذه الأيام كلها.
وبما أنّ عشية العيد تكتسي أهمية دينية خصوصية، من عادة الكثيرين من الدروز الامتناع عن أيّ عمل، حتى إنّ البعض لا يعملون في اليومَين السابقَين للعيد.
خلال العيد، يجتمع العقّال في الخلوة كما ذُكر آنفًا، يروون قصّة خلق العالم، ويُصادقون على انضمام رجال دين جُدد، بعد أن يُتمّ أولئك دراستهم ويُعتبَروا جديرين بذلك. خلال أيّام العيد، من عادة الدروز التبرّع للفقراء، الأماكن المقدسة، أماكن العبادة، وغيرها.
خلال أيام العيد، من المتعارف عليه حلّ النزاعات بين الأشخاص عبر عقد “صُلحة”، وإجراء زيارات متبادلة بين الأقرباء والأصدقاء.
في يوم العيد نفسه، تذبح كلّ عائلة ذبيحة، سوى العائلة التي توفي أحد أفرادها في السنة نفسها. كما أنّ من عادة وجهاء القرية زيارة هذه العائلات في يوم العيد ودعوتها لتناول الطعام معهم.