تشير التقديرات إلى أن إدارة أوباما – التي فشلت في دفع المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين قدمًا في فترة ولايته الأولى – سيولي اهتمامًا ثانويًا في فترة ولايته الثانية، إلا أنه يبدو أن أوباما وبضغط كبير عليه من وزير الخارجية، كيري، قد وافق على منح المفاوضات فرصة أخرى.
نجح إصرار كيري في أن يؤدي إلى تنازل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني عن شروط مسبقة، وتم تخصيص تسعة أشهر لجولة المحادثات والتي ستنتهي في شهر نيسان 2014. يقدر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن احتمال نجاح المحادثات ضئيل: إن الفجوات بين الطرفين كبيرة، هنالك عدم ثقة متبادل على المستوى الأساسي: لا يؤمن الإسرائيليون أن الفلسطينيين سيوافقون على اتفاق يضمن أمن إسرائيل، إنهاء النزاع والشكاوى، والتنازل عن حق العودة للاجئين. أما الفلسطينيون فلا يؤمنون أن الإسرائيليين مستعدون فعلا إلى العودة إلى حدود عام 1967، والسماح لهم بأن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. يرى الفلسطينيون أن إسرائيل ترغب بمتابعة سيطرتها على الضفة الغربية بطريقة أخرى، وبعد الانسحاب أيضًا.
كان الاعتقاد الأمريكي أنه في حال تم التوصل إلى اتفاق بشأن الأمن، سيكون من الأسهل شق الطريق في القضايا الأخرى، على افتراض أن الأمر الأكثر ردعًا للرأي العام الإسرائيلي لدعم الاتفاق هو عودة الإرهاب وتحويل الضفة الغربية إلى “غزة 2”. لذلك، فإن الجنرال جون ألين وطاقمه، الذين وضعوا الاقتراح الأمريكي حول الأمور الأمنية، قد أجروا محادثات مع الجانب الإسرائيلي تحديدًا. ولكن هذا التكتيك لم يثبت نجاعته حتى الآن: لم يبد الفلسطينيون تساهلا في مجال الترتيبات الأمنية وهو المجال الذي يعتبر الأقل إثارة للجدل، لذلك من الصعب التوقع أنهم سيتساهلون في مسألة الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية أو بحق العودة للاجئين.
تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن المفاوضات ستستمر حتى نيسان 2014. يترقبون في إسرائيل التحضيرات الفلسطينية “لليوم ما بعد” فشل المحادثات. إن تقديرات حدوث انتفاضة ثالثة مسلحة وعنيفة منخفضة، وخاصة بسبب تحفظ أغلبية الجمهور الفلسطيني من التوجه ثانية إلى طريق لم تؤدي إلى أي مكان وقد دفعوا تكاليف باهظة مقابلها. رغم ذلك، يبدو أن الفلسطينيين، برئاسة أبي مازن، يخططون إلى “انتفاضة سياسية”: التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، بما في ذلك، إلى المحكمة الدولية في لاهاي، التشجيع على مقاطعة إسرائيل، القيام باحتجاجات جماهيرية وغيرها.
رغم ذلك، من المرجح أن تكون السلطة الفلسطينية حذرة في إشعال “معارضة شعبية” من هذا النوع، وذلك بناء على خوف يستند إلى الربيع العربي، حيث قد يعمل الكثير من الجمهور ضد الزعامة الفلسطينية.
ماذا سيكون بالنسبة لغزة؟
في هذه المرحلة، يبدو أن إسرائيل، السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة قد تبنوا التوجه إلى أنه ستطبق الاتفاقيات التي يتم التوصل إليها في الضفة الغربية. رغم ذلك، لا يمكن تجاهل غزة إلى الأبد.
السياسية الحالية هي “استيعاب” حماس، غير أنه يصعب على إسرائيل فعل ذلك على ضوء الضغط الذي تشغّله مصر على الحركة، التي تنظر إليها على أنها حليفة للإخوان المسلمين. ضعفت حماس كثيرًا في الآونة الأخيرة، ولذلك ازداد تعلقها بإسرائيل. إضافةً إلى ذلك، هنالك تخوف من أن تعود إلى المواجهة بسبب الضائقة التي تواجهها. غير أنه في حال سقوط حكم حماس، بمساعدة المصريين، من الصعب ملاحظة أن السلطة الفلسطينية تنجح في تشيكل بدائل حكم أفضل.
ماذا ستفعل إسرائيل؟
الائتلاف اليميني الخاص بنتنياهو وحقيقة أنه ليس واثقًا من نوايا الفلسطينيين، يجعلان نتنياهو يقدم مواقف متصلبة في المفاوضات. رغم ذلك، وبناء على تفعيل ضغط أمريكي على نتنياهو، فقد يتساهل في مواقفه، بما في ذلك المواقف الحساسة.
الأمر الأهم بالنسبة لنتنياهو، على ما يبدو، هو اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، بشكل يوضح أن الاتفاق يشكّل نهاية النزاع وليس محاولة أخرى للسيطرة على المنطقة.