يجري الاحتفاء بفصل الربيع، بما يمثّله من ازدهار وتجدّد، في جميع أنحاء العالم في مهرجانات خاصّة. مسيرات نابضة بالحياة، كعكات خاصّة، أزهار بألوان مختلفة، وفراولة، أحد أبرز رموز قدوم الربيع، كلّها جزء من الأحداث العديدة التي تميّز الفترة.
احتفالات الربيع في إيران – النَّوروز
النوروز – حرفيًّا: “يوم جديد”. تبتدئ السنة الإيرانية أو الفارسية التقليدية في أول أيام الربيع، في يوم الاعتدال الربيعي أو قربه.
وتشمل الاحتفالات تنظيفًا ربيعيًّا تقليديًّا، “وسوري” الأربعاء، المهرجان الإيراني الذي يقفز فيه المشارِكون عن مواقد ليمثِّلوا تغلّب النور (الخير) على الظلمة (الشرّ).
يحتفل الإيرانيون بالسنة الجديدة لمدّة 13 يومًا. فهم يقضون الأيّام القليلة الأولى في زيارة أعضاء العائلة الأكبر سنًّا والأقرباء والأصدقاء الآخَرين، حيث يجري تبادُل الهدايا، واستهلاك الحلويات وطعام المآدب. في اليوم الأخير، الثالث عشر من الشهر الأول، يغادر الناس منازلهم للذهاب إلى المتنزهات أو المناطق الريفية لقضاء يومٍ في الطبيعة.
ربّما كان القسم الأكثر شهرةً من النوروز هو “هافت سين”. هافت سِين هو نوع من المذابح يُستخدَم لتمثيل سبعة (هافت) أصناف من الطعام، تبدأ كلّها بالحرف الفارسي سين.
يشمل هافت سِين عادةً براعم الحنطة كرمزٍ إلى النموّ الجديد، البودينغ الحلو المصنوع من الحنطة كرمزٍ للوفرة، تفاحة ترمز إلى الثروة والجمال، ثومة كرمزٍ للصحة، ثمرة زيتون مجفّفة ترمز إلى المحبّة، ثمرة سمّاق ترمز لشروق الشمس، وخلًّا يمثّل العُمر والاحتمال.
في كلّ هافت سِين، يمكن أن تضع العائلات أمورًا إضافية من البيض الملوَّن إلى زهرة الياقوتيّة. ولكلّ أمرٍ موضوعٍ على الطاولة معنى رمزيّ. تتنوّع الأمور الإضافية في الـهافت سِين وفق العائلة، لتجعل كلّ مذبح شخصيًّا وفريدًا. قبل الانتقال إلى العام الجديد مباشرةً، تجلس العائلات بشكل عامّ حول الـهافت سِين وتنشد الأغاني، تروي القصص، وتتلو الصلوات.
احتفالات الربيع في إسرائيل – الفصح
الفصح – عيد لثمانية أيّام إحياءً لذكرى خروج اليهود من مصر وتحرّر الإسرائيليين من العبودية، وفق ما دُوّن في التوراة.
حين أطلق فرعون مصر الإسرائيليين، غادروا بعَجَلَة شديدة لدرجة أنهم لم يتمكنوا من انتظار اختمار الخبز. إحياءً لذكرى تلك المناسبة، خلال فترة الفصح، لا يُؤكَل أيّ خبز مختمر.
يشكّل الخبز الفطير، الخبز الهشّ المستوي غير المختمر، الرمز الأساسيّ للعيد. يجري الاحتفال ببداية الفصح، في اليوم الرابع عشر من نيسان القمري وفق التقويم العبري، بتناول وجبة الفصح وقراءة الـ هاجاداه، في ما يُدعى سيدير الفصح.
عيد الربيع في العالَم المسيحيّ – الفصح
الفصح (العيد الكبير) – اليوم الأهمّ في تقويم الكنيسة، إذ يمثّل إقامة يسوع بعد ثلاثة أيّام من صلبه على الصليب الخشبي.
بالنسبة للكاثوليك، يمثّل الفصح نهاية فترة الصوم الكبير، فترة تتّسم بالصلاة والتعبّد بدءًا من أربعاء الرماد. أضحى أرنب الفصح رمزًا معاصرًا للعيد، ويحتفل كثيرون ببيض الفصح المُلوَّن.
عيد الربيع الهنديّ – هولي
هولي – المعروف بمهرجان الألوان، هو احتفال ربيعي هندوسيّ شعبيّ يُحتفَل به في الهند، النيبال، الدول ذات العدد الكبير من السكّان الهندوس. يجري الاحتفال به برشّ المسحوق المُلوَّن والماء، كلّ واحد على الآخَر. يجري إشعال المشاعل في اليوم السابق، المعروف أيضًا باسم “هوليكا داهان” (موت هوليكا) أو تشوتي هولي (هولي الصغير).
توقد المشاعل لذكرى الهروب العجائبيّ ل”براهلاد” حين حملته الجنيّة “هوليكا” في نار. احترقت هوليكا، لكنّ براهلاد، متعبّدًا وليًّا للإله فيشنو، هرب بأمان بسبب الإخلاص القويّ.
عيد الربيع المصري – شمّ النسيم
شَمُّ النِّسِيْمِ - هو مهرجان يقام سنوياً في فصل الربيع، إلا أنه ينسجم مع موروث ثقافي أقدم حيث كان من أعياد قدماء المصريين في عهود الفراعنة، ويحتفل فيه جميع المصريين بدخول الربيع بزيارة المنتزهات وتلوين البيض وأكل الفسيخ.
ترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، أي نحو عام 2700 ق.م، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية ويحتفل به الشعب المصري حتى الآن. وإن كان بعض المؤرخين يرون أن بداية الاحتفال به ترجع إلى عصر ما قبل الأسرات، ويعتقدون أن الاحتفال بهذا العيد كان معروفًا في مدينة هليوبوليس “أون”.
وترجع تسمية “شم النسيم” بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية “شمو”، وهي كلمة مصرية قديمة لها صورتان:
وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.
وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة “النسيم” لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
ويتحول الاحتفال بعيد “شم النسيم” – مع إشراقة شمس اليوم الجديد – إلى مهرجان شعبي، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة، فيخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات، حاملين معهم أنواع معينة من الأطعمة التي يتناولونها في ذلك اليوم، مثل: البيض، والفسيخ (السمك المملح)، والخَسُّ، والبصل، والملانة (الحُمُّص الأخضر). وهي أطعمة مصرية ذات طابع خاص ارتبطت بمدلول الاحتفال بذلك اليوم – عند الفراعنة – بما يمثله عندهم من الخلق والخصب والحياة.