هل نحن في بداية نضال اجتماعي – اقتصادي جديد واسع النطاق في إسرائيل، مثل ذلك الذي أدى إلى اندلاع احتجاجات السكن وغلاء المعيشة في صيف عام 2011؟
تُثار في هذه الأيام مجددا النقاشات بخصوص غلاء المعيشة في إسرائيل. شملت بداية الاحتجاجات مقارنة أسعار المواد الغذائية الأساسية التي قام بها بعض المواطنين في إسرائيل مقابل دول أوروبا وعلى رأسها العاصمة الألمانية، برلين. اتضح أن سلة المواد الغذائية الأساسية هناك أرخص بكثير من ثمنها في البلاد، بمئات النسب المئوية.
وتركز الاحتجاجات الحالية على غلاء المعيشة في إسرائيل وقد حظيت بتأييد شعبي في أعقاب إنشاء صفحات فيس بوك “مسافرون إلى برلين” و”فاتورة مشتريات من سوبرماركت ألماني” والتي انتشرت في اليومين الأخيرين. وقد أثارت مقارنة الأسعار وإمكانيات العمل والعيش الرخيص في برلين مرارة لدى الكثير من المواطنين، وأدت إلى ردود فعل غاضبة. “اللحظة التي كسرتني في إسرائيل لم تحدث بسبب ضخامة حجم التجنيد الاحتياطي، أو هجمات الصواريخ، أو رسالة مهدّدة من الرهن العقاري الذي لم أقم به لحسن حظي”، هذا ما كتبه أحد الإسرائيليين في صفحة الفيس بوك. “لقد حدثت في لحظة أبسط مما يفترض، وذلك حين أدركت في السوبرماركت أنني متردد بين شراء رباعية ميلكي (نوع من حلوى الحليب) للأطفال، أو ربما نتخلّى عن ذلك اليوم. هنا، لم أتردد أبدا حول الطعام في السوبرماركت. لم أفعل ذلك في كلّ حياتي”.
من الجدير ذكره أنّ الاحتجاجات الحالية تقود الكثير من المواطنين إلى عدم فهم كيف أن الحكومة تستمر في رفع الضرائب وأسعار المواد الغذائية الأساسية بخلاف وعود زعماء الاقتصاد وعلى رأسهم وزير المالية، يائير لبيد، الذي صعد إلى السلطة بسبب وعود بتخفيض غلاء المعيشة في إسرائيل.
“مواصلات عامة تعمل ومريحة بحيث تمكّن من السكن في الضواحي والعمل في المركز. شرطة تخدم المواطنين وليس أصحاب رؤوس الأموال وزعماء عائلات الإجرام. شعور بالأمن الشخصي. شبكة أمن اجتماعية قوية تساعدك في القيام حين تسقط سواء كنت صاحب مصلحة مستقلّ أم كنت غير صغير بما فيه الكفاية. تعليم مجانا، مجانا حقيقة، من سنّ عام وحتى نهاية الجامعة. سكن بأسعار معقولة. إيجار شقة مراقب بالقانون بحيث لا يمكن كل عام رفعه كما يشاؤون. يوم عمل طبيعي يسمح للوالدين بقضاء الوقت مع أولادهم. إجازة أمومة حقيقية. يومين للراحة والهدوء…”. هذا ما كتبه صحفي كبير في صحيفة “هآرتس”، والذي يعيش هذه الأيام في برلين، وذلك صباح اليوم احتجاجا على الانتقادات الحادة التي صدرت في المنظومة السياسية ضد الإسرائيليين الذين يسعون إلى ترك إسرائيل والبحث عن خيارات جديدة للعيش في أماكن أخرى حول العالم.
وقد تطرق وزير المالية أيضا صباح اليوم (الثلاثاء) للاحتجاج الجديد في الفيس بوك والشبكات الاجتماعية وزعم أنّ هناك مبرر لمزاعم الشباب الذين تعبوا من النضال ضدّ الأسعار المرتفعة والحياة تحت وطأة الرهن العقاري. “هؤلاء الشباب (الذين غادروا لبرلين) صادقون”، قال لبيد وأضاف: “هذه أمور لا يمكن احتمالها”. وقد وعد بإدخال المزيد من السلع الأساسية للإشراف الحكومي. وقال إنّ الحكومة تعمل على موضوع غلاء أسعار السكن وإنّ “بناء 50 ألف وحدة سكنية يحتاج إلى زمن”.
ويبدو في هذه الأثناء أنّ المرارة الاجتماعية في ظلال الموافقة على الميزانية السنوية الجديدة، وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء قد تشعل من جديد حقل الألغام الاقتصادية – الاجتماعية في إسرائيل.