ما زال المحللون السياسيون للشؤون الخليجية في إسرائيل والمنطقة، والذين يتابعون التطورات المتسارعة في مشهد قطع العلاقات بين السعودية وإيران، يبحثون في ما إذا كانت الخطوة السعودية خطوة مدروسة، أم أنها جاءت نتيجة لواقع خرج من سيطرة السياسيين والديبلوماسيين؟ وبينما يحاول هؤلاء فعل ذلك، تبحث دول المنطقة، وكذلك الدول العظمى ذات النفوذ فيها، في الواقع السياسي الجديد الذي خلقته هذه التطورات الخطيرة الأخيرة، وبالنسبة لإسرائيل، فهي تحاول أن تنظر إلى الفرص الناجمة عن الوضع الجديد في المنطقة.
فقرار السعودية قطع العلاقات مع إيران أدى إلى تحرك سريع من قبل دول سنية مؤيدة للمملكة، قطعت العلاقات مع إيران أو قرّرت خفض مستوى العلاقات الديبلوماسية معها، مثل البحرين والسودان والإمارات والكويت. وعدا عن الانقسام السني – الشيعي الذي أصبح جليا في المنطقة، سيكون للقرار السعودي انعكاسات خطيرة على بقية اللاعبين في الشرق الأوسط وعلى رأسها الولايات المتحدة.
فقد وضعت السياسة الخارجية السعودية الإدارة الأمريكية في موضع مربك للغاية. فمن جهة، تثمّن الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما، العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وتعتبرها جزءا من مصالحها في المنطقة، لكن الإدارة نفسها دفعت إلى تحسين العلاقات مع إيران، مفضلة توقيع اتفاق مع الجمهورية الإسلامية فيما يخص ملفها النووي، يضمن رفع العقوبات عنها في القريب.
وجاءت الأزمة الأخيرة لتزيد أكثر من الارتباك الأمريكي، فبينما ندّدت أمريكا بالاعتداء على السفارة السعودية في طهران، تنظر الإدارة عينها إلى الإعدامات التي نفذها النظام السعودي قبل وقت قصير على أنها ممارسات مرفوضة، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
أما بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين، فعلى الأغلب لن تؤثر هذه التطورات الخطيرة على الصراع بينهما، لكن من الواضح أن إسرائيل والجانب الفلسطيني المنقسم سيختار له جانبا في الانقسام الأكبر في المنطقة. وليس جديدا أن إسرائيل تُساند بصورة غير مباشرة المعسكر السني في الشرق الأوسط، وعلى رأسه السعودية. فحديث المسؤولين الإسرائيليين عن مصالح مشتركة مع دول الخليج في المنطقة، وفرص التعاون المشترك، معظمه يخص مواجهة إيران.
والآن، أكثر من أي وقت مضى، تشعر إسرائيل بأن المصالح المشتركة هذه تتقاطع حقا مع دول الخليج. فإيران أصبحت عدوا مشتركا دون منازع. وكذلك تنظيم حزب الله، ذراع إيران في المنطقة، أصبح عدوا مشتركا للقدس والرياض، خاصة بعد أن قامت السعودية بوقف بث قناة “المنار” التابعة للحزب عندها.
ومن مظاهر التقرب بين السعودية وإسرائيل، والتي سبقت الأزمة الراهنة، كان اللقاء الصحفي الذي أجراه مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلي، دوري غولد، مع الصحيفة السعودية “إيلاف” في القدس، حيث تحدث السياسي الإسرائيلي الذي يدير العلاقات الخارجية لإسرائيل في الحاضر، عن أهمية إقامة علاقات واتفاقات مع دول عربية. وتطرق إلى المصالح المشتركة مع دول المنطقة بما يتعلق بالخطر الإيراني.
واتهم غولد إيران، على غرار وزير الخارجية السعودي، بأنها تسعى إلى “خلق واقع يكون لها موطئ قدم في لبنان وفي سوريا وأيضا في غزة لمحاولة إرهاق إسرائيل وتهديدها من الجنوب ومن الشمال ومن الشرق”، لافتًا إلى أن “إيران لا تتردد في لعب الدور نفسه في الخليج حيث تشارك الحوثيين في اليمن واحتلت العراق بمليشيات شيعية وتحاول زعزعة الاستقرار في الكويت والبحرين هذا من الخارج، وتحاول خلق مليشيات من شيعة تلك الدول من الداخل لكي تكون صاحبة القرار في المنطقة، وهذا مقلق جدًا للدول المعتدلة وايضا للإسرائيليين”.
وأضاف غولد كما جاء في الصحيفة السعودية، وهو ما كرّره محللون ومعلقون سعوديون كثيرون في الأيام الأخيرة، بعدما تفجرت العلاقات مع طهران- أضاف أن إيران قامت بإيواء “أبو مصعب الزرقاوي” الذي أسس القاعدة في العراق في السابق، وأصبح أتباعه فيما بعد من مؤسسي الدولة الاسلامية في العراق والشام في ما بعد.