تُشير الصحف الإسرائيليّة في كل عام، إبان عيد الغفران اليهوديّ، إلى تلك الحرب؛ حرب تشرين الأول سنة 1973 التي اندلعت يومَ العيد، في هجمة مُباغِتة ومُقَّررة من قبل الجيشين المصري والسوري. ينشر كلَّ عام أرشيف الجيش الإسرائيليّ إفصاحاتٍ جديدة حُظِرَ نشرها فيما سبق.
نشرَ الأرشيف هذا العام رسائلَ الجنرال شموئيل غونين، الذي لُقّبَ بلقب “جوروديش”، والذي اعتُبِرَ البطلَ المأساويّ للحرب. كان جوروديش قائدَ لواء الجنوب، وقائدَ الجبهة المصرية. حوّل فشلُ صدّ الهجمة المصرية في السادس من تشرين الأول عام 1973، إلى جانب الحقيقة بأنّ شارون قد قادَ القوّات التي عبرت قناة السويس المصريّة واحتلت مساحات غربَا لها، غونينَ إلى رمز للفشل الإسرائيليّ، وشارونَ إلى رمز للانتعاش والتعافي الإسرائيليّ.
كُشف في رسالة من غونين إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ دافيد إلعازار، والتي سُمح بنشرها في الأمس، بأنّ غونين قد طالب بالتحقيق مع أرئيل شارون كونه عصى الأوامر الموجّهة له. أشارَ غونين إلى أنّه قد طلبَ مرّتين وقتَ الحرب إقالةَ الجنرال شارون. وفقا لكلامه، فإنّ تجاوز شارون صلاحياته كانَ خرقا للانضباط ولقيم الجيش.
فصّلَ غونين كيفَ عصى شارون الأوامر الصادرة له حول مكان تسديد الهجوم، المناطق التي يجب الانسحاب منها والقوات التي يجب تعزيزها. وفي مرحلة مُعيّنة أبلغَ شارونُ غونينَ بأنّ المهمة العسكرية المفروضة عليه قد أُتِمّت، في حين لم يبدأ بتنفيذها حتّى على أرض الواقع. وفي حالة أخرى، يَذكرُ غونين كيف أمرَ شارون بوقف الهجوم، أما شارون فكذب عليه واسترسل بشنّ الهجمات. في الواقع، يدّعي غونين بأنّ شارون قد تصرّف كما طابَ له، دونَ تولي أية مسؤولية.
قيل في الرسالة التي وُجّهت لرئيس الأركان إلعازار: “التفاصيل التي ذُكرت فيما سبق ما هيّ إلا حلقات في سلسلة طويلة من خرق الأوامر والانضباط من قِبل اللواء شارون، الأمر الذي ألحق الضرر بالمعنويات دونَ أدنى شك”.
ومع ذلك، تُناقض هذه الأمور تصوّرات الجمهور لشارون الذي اعتُبر بطلَ حرب، والشخصَ الذي أنقذ الجيش الإسرائيليّ. أشارَ كل واحد من رؤساء الدولة، في المدائح وقتَ وفاة شارون في كانون الثاني عام 2014، إلى دور شارون الحاسم والمصيريّ في المعارك.