لم يستغرق رد فعل نتنياهو على إعلان الحريري المفاجئ وقتا طويلا: “تشكل استقالة رئيس حكومة لبنان، الحريري، وأقواله، تحذيرا للمجتمع الدولي للعمل ضد الهجومية الإيرانية، التي تسعى إلى تحويل سوريا إلى “لبنان 2″. تشكل هذه العدوانية خطرا ليس على إسرائيل فحسب، بل على الشرق الأوسط كله” قال نتنياهو وهو في لندن، في إطار زيارة دولية بمناسبة مرور 100 عام على وعد بلفور.
يمكن أن نقدّر أن إسرائيل توقعت هذه الاستقالة، وإذا كانت هناك معلومات استخباراتية حول أن حزب الله ينوي اغتيال الحريري، فمن المفترض أنها كانت تعرف معلومات كهذه. على أية حال، من الغني عن البيان أن التوتر لدى الإسرائيليين الذين يسعون إلى الحفاظ على الهدوء في الحدود الشمالية من الدولة، قد ازداد بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة.
إن القرار السعودي لزعزعة المنظومة السياسية اللبنانية يشير وفق رأي جهات إسرائيلية إلى رغبة السعوديين في إزالة الأقنعة في كل ما يتعلق بالاشتباكات مع إيران. يبدو أن السعوديين قد توصلوا إلى الاستنتاج أن الرابح من مشاهد “الوحدة” في لبنان هما إيران وحزب الله بشكل أساسيّ، اللذان يتمتعان بحصانة الحكومة اللبنانية، في كل ما يتعلق بزيادة قوة المنظمة العسكرية، وطبعا لأن الحكومة اللبنانية ليست خاضعة للعقوبات الأمريكية، رغم أن حزب الله عضو فيها.
وتلاحظ إسرائيل أيضا تغييرات في تصرفات إيران وحزب الله وثقتيهما، فوفق الرسائل اللتان ينقلاها إلى العالم فقد ربحا في سوريا، وآن الأوان الآن أن يتمتعا بثمار التضحية ذاتها. وتقول إسرائيل إن الإيرانيين طوروا ثقة ذاتية مبالغ بها ورغبة إقليمية مفرطة، لهذا أراد السعوديون التعرض لهم في كل الجبهات.
ورغم كل هذه الأقوال، فإن إسرائيل ليست معنية بمواجهات مع حزب الله، إلا أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن احتمالات التصعيد ازدادت في ظل عدم الاستقرار السياسي في لبنان. في الأسابيع الماضية، زادت إسرائيل من الهجمات التي تشنها ضد مجمّعات الأسلحة الإيرانية في سوريا، رغبة منها للإشارة إلى أنها لن تسكت على الحقائق التي تفرضها إيران في المنطقة. في الختام، ربما أصبح الطقس باردا إلا أن الحدود باتت مشتعلة وساخنة.