أكثر من 170,000 ولادة تحدث في إسرائيل كل عام ومن بينها نحو 750 هي ولادات منزلية مخطّط لها. وعلى الرغم من أنّ هذا الرقم آخذ بالازدياد، ولكن لا تزال الأمهات الإسرائيليات بعيدات عن الأمهات في هولندا أو بريطانيا حيث تبلغ نسبة الولادات المنزلية فيها إلى ما لا يقلّ عن 25%. في دول غرب أوروبا وبعض الولايات الأمريكية يجب أن يكون هناك سبب طبّي من أجل الولادة في المستشفى.
بأي ظروف يمكن أن تجري الولادة المنزلية؟ هل هي خطرة أم أكثر أمانًا من الولادات في المستشفيات ولماذا يفضّل المزيد والمزيد من النساء الإسرائيليات الولادة المنزلية؟
ما هي الولادة المنزلية؟
الولادة المنزلية هي ولادة تتمّ، وفقا لتخطيط مسبق، في منزل الوالدات أو في مرافق أخرى غير طبّية، وليس في المستشفيات. تتمّ الولادة عامّةً بمرافقة القابلة، مساعدة الولادة أو طبيبة مولّدة.
من الجدير ذكره أن معظم الولادات في إسرائيل وفي العالم الغربي تجري في المستشفيات. ومع ذلك، هناك نساء يفضّلن الولادة المنزلية لأسباب مختلفة: الولادة في أجواء منزلية وهادئة، سيطرة الوالدة على عملية الولادة برمّتها وعلى أنشطتها خلالها، الرغبة بالولادة الطبيعية دون مسكّنات الألم أو التدخّل الطبّي، إمكانية الحركة واختيار وضعيات الولادة المفضّلة عليهنّ، وغير ذلك.
الولادة المنزلية – خطر على الصحّة؟
في أواخر التسعينيات أجرت منظّمة الصحة العالمية دراسة شاملة، سعت من خلالها إلى دراسة المكان الأكثر أمانًا للولادة فيه. أظهرت نتائج الدراسة أنّه في البلدان المتقدّمة، في الحمل منخفض المخاطر فقط، فإنّ الولادة المنزلية بالنسبة للمرأة التي تكون تلك هي ولادتها الأولى، آمنة بشكل مساوٍ للولادة في المستشفى. وقد وجدت الدراسة الشاملة أيضًا أنّه بالنسبة للمرأة التي لا تعتبر هذه هي ولادتها الأولى، فإنّ الولادة في المنزل “أكثر أمانًا بكثير من الولادة في المستشفى”.
وهناك دراسة أخرى كبيرة أجريت في هولندا ونُشرت عام 2009. بحثت هذه الدراسة أكثر من نصف مليون ولادة لنساء كنّ في حمل ليس عالي الخطورة وولدنَ في المستشفيات أو بولادة منزلية. لم يجد الباحثون فارقًا بين نسبة الوفيّات عند الأمهات أو المواليد، أو أذى خطير في أي من المجموعتين.
وقد توصّلت دراسة أخرى أجريت عام 2010 وقارنت بين الولادات المنزلية المخطّط لها والولادات في المستشفى، إلى استنتاج بأنّه رغم أنّ هناك تدخّلات طبّية أقلّ بكثير في الولادات المنزلية، فإنّ معدّل وفيّات الرضّع فيها أكبر بثلاثة أضعاف من الولادات في المستشفى. وفحصت الدراسة جميع الولادات المنزلية المخطّط لها، وليس كالدراسات السابقة التي عزلت الولادات مع قابلات مؤهّلات أو الحمل منخفض الخطورة. ومع ذلك، وبشكل مماثل للدراسات التي أشرنا إليها سابقا، وجدت الدراسة أنّه لم يحدث ارتفاع في معدّل وفيّات الرضّع في الولادات المنزلية مقارنة بالمستشفيات عندما تكون القابلة المرافقة قابلة مؤهّلة.
حقائق مثيرة للاهتمام بخصوص الولادات المنزلية في إسرائيل
تثير الحقائق التالية التفكير: ينتهي أقل من 3% من الولادات المنزلية بعملية قيصرية (مقابل 20-25% عملية قيصرية في المستشفيات) وأقل من 1% تنتهي بولادة بمساعدات أدوات (مقابل 10% في المستشفيات). وفقا لدراسات عديدة أجريت في إسرائيل في السنوات الماضية فإنّ 10% فقط من الولادات المنزلية يتم تحويلها للمستشفيات وغالبا لا تكون أسباب الانتقال ملحّة وإنما بسبب ولادة طويلة ولا تتقدّم.
تعمل في إسرائيل اليوم بين 15-20 قابلة منزلية فقط. الممرضة المؤهلة مع تدريب لتكون قابلة، والحاملة لرخصة إسرائيلية، مع خبرة ثلاث سنوات في غرف الولادة، وكانت قد رافقت قابلة خبيرة في نحو 10 ولادات منزلية؛ هي التي تكون مؤهلة للتوليد المنزلي فقط. طبيب النساء المرخّص مؤهّل للتوليد المنزلي أيضًا. هناك إلزام باجتياز دورة إنعاش المواليد الجدد كل عام.
وإذا كانت الولادة ستتم في المنزل فعلا، يتّضح أن الولادات المفضّلة على الأمهات الإسرائيليات هي في الماء. يجري جزء كبير من الولادات المنزلية في برك مرتفعة من المطاط يمكن وضعها في المنزل. يوضّح الأطباء والمولّدون أنّ الولادة في الماء توفّر للوالدة بيئة دافئة، آمنة وواقية. إنّ الحدّ الأقصى من الاسترخاء والذي تصل إليه الوالدة في الماء، يسمح للهورمونات المسكّنة للآلام والتي يفرزها جسم الأم بالوصول إلى أطراف الأعصاب وأن تضع تأثيرها على الأم والطفل.
ويوضح مؤيّدو ومؤيّدات الولادة الطبيعية، أو الولادة في المنزل أنّ الولادات الطبيعية أكثر ملاءمة للنساء ذوات المخاطر الصحّية المنخفضة وأنّ الطبّ الحديث والولادة في المستشفيات مخصّصان للنساء ذات الحمل عالي الخطورة.
فضلًا عن ذلك، يدّعي أنصار الولادة المنزلية في إسرائيل أنّ هناك أيضًا جانب اقتصادي مهمّ وهو أنّ المستشفيات في إسرائيل ليست مستعدّة للتخلّي عنه لكونه دخلا ثابتًا. في إسرائيل، يحصل المستشفى مقابل كل والدة تأتي إليه على مبلغ يقدّر بـ 3200 دولار من مؤسسة التأمين الوطني، ومن ثمّ فإنّ وزارة الصحة الإسرائيلية والمستشفيات العامة تحارب من أجل وصول كلّ والدة.
ومع ذلك ما هو السيّء الذي يمكن أن يحدث في الولادة المنزلية؟
صحيح أنّ معدّل الولادات المنزلية يتسارع في جميع أنحاء العالم. في إسرائيل يجري كل عام مئات من الولادات المنزلية. لقد تمت المنازعة حول درجة أمان الولادات المنزلية لسنوات طويلة: يعرض غياب الطاقم الطبّي والمعدّات الملائمة، الأم والوليد إلى مخاطر عديدة.
في دراسة ضخمة أجريت عام 2010، فحص الباحثون من المركز الطبي ماين الواقع في الولايات المتحدة بيانات تم الحصول عليها من نحو 350 ألف ولادة منزلية، وأكثر من 200 ألف ولادة في المستشفى. في المجمل تم فحص أكثر من 500,000 ولادة.
كشف تحليل البيانات أنّ معدّل وفيّات الرضّع في الولادة بالمستشفى بلغ 0.3 لكل 1,000 ولادة. وقد ارتفع معدّل الوفيّات إلى 1 لكل 1,000 ولادة لدى الأطفال الرضّع الذين ولدوا بولادة منزلية. وصف الباحثون هذه النتائج بأنّها “الأكثر إبهارًا” وأشاروا إلى أنّ معظم حوادث الوفاة جرت بسبب مشاكل تنفّسية خلال الولادة وفشل في الإنعاش والذي تم من قبل أفراد الأسرة أو القابلة.
عام 2014، تم نشر دراسة أعادت النظر في بيانات لـ 14,000,000 ولادة استنادا إلى بيانات تم الحصول عليها من مركز مكافحة الأمراض الأمريكي. وفقا لهذه الدراسة، فإنّ خطر وفاة الرضيع في الولادة المنزلية أكبر بـ 4 أضعاف عندما تكون القابلة حاضرة، وهو 12.6 لكل 10,000 ولادة (مقابل 3.2 حادثة وفاة لكل 10,000 ولادة في المستشفى). ومع ذلك، فالمعطى الأخير يشمل أيضًا الولادات المنزلية مع الحمل عالي الخطورة ومع قابلات غير مؤهّلات.
يتضاعف في الولادة المنزلية دون قابلة الخطر ويصل إلى 21.9 حالات وفاة لكل 10,000 ولادة. ويشير مقال آخر نُشر في نفس العام إلى أنّ الولادات المنزلية يتم التخطيط لها عندما تكون الوالدات بخطر منخفض مع تدخّل أقل بكثير في الولادة.
إنّ الاستنتاج شبه المؤكّد من جميع هذه الدراسات ومن خبرة المولّدات والقابلات سواء في المستشفيات أو في المنزل هو أنّه عندما يكون الحمل عالي الخطورة، فإنّ التوصية لجميع الأطراف هي بالولادة في المستشفى نظرا للاحتمال الكبير نسبيا لوجود تعقيدات في الولادة.
ليس ما في هذه المادة بمثابة مشورة طبّية، في كل حالة خاصّة يرجى استشارة الأطباء المتخصّصين!!!