تنتهي في هذه الأثناء جنازة الحاخام عوفاديا يوسف الذي وافته المنية صباحًا. وقد شارك في الجنازة التي تعتبر من أكبر الجنازات التي عرفتها المدينة مئات الآلاف الذين وصلوا من مختلف أنحاء البلاد. وقد بدأت مسيرة الجنازة من الحلقة الدينية “بورات يوسف” في حي غئولا في القدس، حيث تعلم الحاخام في نعومة أظفاره هناك، وواصلت المسيرة طريقها إلى مقبرة سنهدريا في المدينة حيث ووري جثمان الحاخام إلى جانب عقيلته الحاخامة مرغليت رحمها الله، التي توفيت قبل نحو 20 سنة.
وخلال الجنازة عولج في المكان وفي المستشفيات عشرات المصابين الذين تضرروا من الكثافة. وقد استعدت الشرطة بقوات كبيرة جدا على المحاور المؤدية إلى القدس، داخل المدينة وعلى مسار الجنازة ذاتها وطلبت من الجمهور التصرف بمسؤولية على ضوء كثرة المشاركين. وقد تم نشر مروحيات وقوات إغاثة في المنطقة أيضًا. تفيد التقديرات أن أكثر من 600,000 شخص شاركوا في الجنازة الأمر الذي سدّ المدينة. وقد أجهش رئيس شاس أريه درعي باكيًا، بعد دقائق معدودة من تلقيه نبأ وفاة الحاخام، قائلا: “ويحي أني وصلت إلى هذا اليوم وأنه يجب علي أن أروي نبأ وفاة أبنا وزعيمنا”.
وقد ناح نجل الحاخام يوسف، الحاخام الشرقي الأكبر على ضريحه قائلا: “عالم الأمس لن يكون غدا، لم يكن مثله ولن يكون في المستقبل”.
كما حضر زعماء الحلبة السياسية التي ينتمي إليها الحاخام أيضًا لوداع الحاخام وتعداد مناقبه. وقد قال الرئيس بيريس، الذي تقاطعت طريقه وطريق الحاخام مرات لا تعد ولا تحصى على مر السنوات: “قبل بضع ساعات ذهبت لوداع معلمي وصديقي الحميم الحاخام عوفاديا يوسف – كانت هذه ساعة صعبة. لقد اغرورقت عيناي بالدموع – ضغطت على يده التي كانت ما زالت دائفة وقبّلت جبينه الذي بدا لي كبيرا كما كان دائمًا. حين صافحت يده، شعرت أني أصافح يد التاريخ وحين قبّلت جبينه شعرت أنني أقبِّل عظمة إسرائيل”. وأضاف “منذ أن عرفته شعرت أنه رجل كبير وذو ذاكرة لا مثيل لها، وحكمة لمعرفة المزيد وتقاسم المعرفة مع الآخرين. كانت مساهمته في عظمته ومحبته للبلاد، مع أخذ مشاكلها بعين الاعتبار، فقد حل مشاكل لا أحد يمكن أن يحلها باستخدام الروحانيات”
وقال رئيس الحكومة الذي حضر هو أيضًا إلى بيت الطهارة “شمغار” الذي سُجّي فيه جثمانه “كان الحاخام عوفاديا يوسف فريدًا من نوعه بين أبناء جيله، ووفاته هي خسارة كبيرة لشعب إسرائيل، بمزيد الأسف سمعت نبأ وفاة الحاخام الأول لصهيون، من كبار مصدري الفتاوى في جيلنا. كان جليلا في التوراة، جليلا في “الهلخاة”، يرشد القلوب إلى الطريق، كان مفعمًا بمحبة إسرائيل، محبة الشعب ومحبة التوراة، وقد لاءم فتاواه دائمًا، وروح إسرائيل والواقع المتجدد الذي يعيشه شعب إسرائيل في بلاده”.
وقد ارتأت وزيرة العدل، تسيبي ليفني، أن تتطرق إلى استحداثات الحاخام في الهلاخاه قائلة: “إنه أعظم الزعماء الدينيين منذ فجر الصهيونية وأحد أهم واضعي الفتاوى في أيامنا هذه”، وأضافت: “آمل في أن يبقى توجهه التشريعي المخفف معنا، لقد أثرت بعض فتاواه على التاريخ”.
وقد عدّد عضو الكنيست بوجي هرتسوغ، الذي كان جده هو الحاخام الأكبر، مناقب الحاخام عوفاديا قائلا: “الحاخام عوفاديا يوسف هو مشرّع هلاخاه شجاع، نوعًا من الرمبام في هذا الجيل” مضيفًا “مع مرور السنوات، تحدثنا كثيرًا عن الهلخاة، عن السياسة، عن الدولة وعن احتياجاتها الاجتماعية. صحيح إننا لم نتفق دائما، ولكنني كنت أكن وما زلت احترامًا كبيرًا له سواء كمعلم للهلخاه أو كزعيم جمهور مهم جدا في دولة إسرائيل”.
كما اختارت عضو الكنيست ميراف ميخائيلي، التي كانت تختلف مع الحاخام، على مر السنوات، في أي موضوع ممكن، أن ترسل رسالة مصالحة في هذا اليوم “أن أرجوكن وأرجوكم أن تتذكروا أن لكل واحدة منا حاخام أو حاخامة خاصته، من أي نوع، وأننا ننكسر حينا يمتن. هذه فرصة للتضامن – ليس للموافقة، بل للتعازي الحقيقية بين الأخوات والأخوة”.