يكشف تحقيق شامل نُشر اليوم، الأحد، في “نيويورك تايمز” أنّ وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) تتجسس على “أهداف عسكرية إسرائيلية ذات أهمية فائقة”. وتُشغّل وكالة الأمن القومي (NSA) اليوم نحو 35 ألف عامل، وتُقدَّر موازنتها السنوية بـ 10.8 مليارات دولار. ويكشف التحقيق، المؤسَّس على وثائق سرية سرّبها رجل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) سابقًا إدوارد سنودن، عددًا من المطاردات التي نفذتها الوكالة بحق عناصر في دول أجنبية، بينها حلفاء للولايات المتحدة.
ويتبيّن من الوثائق المسرّبة أنّ ثمة تعاونًا وثيقًا بين وكالة الأمن القومي ووحدة الاستخبارات 8200 الإسرائيلية. وشاطرت وكالة الأمن القومي نظيرتها الإسرائيلية بموادّ من تنصّتات أجرتها، ونالت بالمقابل موادّ مصدرها إسرائيل. مع ذلك، ذُكر أنّ الوكالة لاحقت “أهدافًا عسكرية إسرائيلية ذات أهمية فائقة”، بينها مشاريع مثل تطوير طائرات إسرائيلية دون طيّار ومنظومة الصواريخ “عصفور أسود”، التي طوّرتها الصناعة العسكرية الإسرائيلية.
لا حساسيّة في إسرائيل حيال التقارير عن تنصّت على مسؤولين إسرائيليّين، حيث يُقال إنّ إسرائيل افترضت ذلك منذ سنوات. وصرّح رئيس الموساد الأسبق، داني ياتوم، لموقع ynet أنّ الملاحقة تهدف إلى فهم النوايا الحقيقية لقادة إسرائيل حيال قضايا حسّاسة، مثل التعامل مع البرنامج النووي الإيراني: “هدف هذه الملاحقة هو معرفة نوايا القيادة الإسرائيلية، مثلًا فيما يختصّ بهجوم ممكن على إيران، أو ما هي المواقف الحقيقية لإسرائيل من المفاوضات مع الفلسطينيين، بالمقارنة مع ما تصرّح به إسرائيل علنًا”.
ورغم أنّ رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما يدافع عن وكالة الأمن القومي إثر دورها في إحباط عمليات إرهابية، يبدو أنّ الحرب على الإرهاب هي مكوّن جزئي فقط من جدول الأعمال المكتظّ للوكالة. فقد جاء في التحقيق، على سبيل المثال، أنّه قُبَيل لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي ركّز على محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، نجحت الوكالة في معرفة فحوى نقاط النقاش التي تبلورت في مقرّ بان استعدادًا للّقاء. وفي وثيقة داخلية للوكالة عُرّف هذا التنصّت على أنه “إنجاز عملياتي”، لكنّ البيت الأبيض يرفض تأكيد أنّ الرئيس الأمريكي استخدم موادّ ناتجة عن التنصّت. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، يمثّل هذا الحدثً المبدأ الأبرز في سياسة الوكالة الطويلة الأمد: إذا كان يمكن التنصت، فيجب تنفيذه.
ويحرج الكشفُ عن مدى تنصّت الوكالة على حلفاء الولايات المتحدة الإدارةَ الأمريكية. فقد اعترف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخرا أنّ مطاردات الوكالة تخطّت الحدود في بعض الحالات، وذلك لأنها عملت على مبدأ “طيّار أوتوماتيكي”، دون مراقبة فعلية من مسؤولي الإدارة. ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية الأسبوع الماضي أنّ الوكالة تنصّتت على ما لا يقلّ عن 35 زعيمًا في العالم، ما أثار غضب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. ويتندّر مسؤولون أمريكيون حاليًّا بأنهم قد يتلقون قريبًا تذمّرات من زعماء ستُجرح مشاعرهم، لأنّ الوكالة لم تتنصّت عليهم.