بثت القناة الإسرائيلية الثانية، قبل أيام، تقريرا مصورا، من إعداد الصحفي أوهاد حيمو، يخص الأسرى الفلسطينيين المحررين من السجون الإسرائيلية، ويبحث في التغيير الذي طرأ عليهم بعد السنوات الطويلة التي قضوها في السجون الإسرائيلية. ويركز التقرير على 3 سجناء يجمعهم أمر مشترك، رغم الاختلاف في مواقفهم السياسية، وهو رفضهم للعنف كوسيلة للنضال الفلسطيني.
ويتفق الثلاثة، عيسى عبد ربه وعصمت منصور وجلال رمانة، على أن الحياة بعد إطلاق سراحهم من السجن صعبة للغاية، وأنهم رغم الإجلال الذي يحظون به لأيام من الشارع الفلسطيني، يعيشون ظروفا قاسية، إذ لا يساندهم أحد غير ذويهم.
ويقبع في السجون الإسرائيلية في الراهن نحو 5700 أسير فلسطيني، يقضون محكوميات قاسية بعد أن أدينوا بقتل إسرائيليين. ووفق التقرير، ينقسم من يتحرر من السجون الإسرائيلية إلى فئتين: واحدة تشمل أسرى يعودون إلى الإرهاب والنضال المسلح، إما من الأراضي الفلسطينية أو من خارج البلاد، وأبرزهم الأسرى الذين ينتمون إلى حماس، والفئة الثانية تشعر بالتوبة وتترك طريق الإرهاب، خاصة أسرى “فتح” منهم، الذين يقولون اليوم: “لو كان بإمكاننا العودة إلى الماضي، لم كنا قتلنا إسرائيليين”.
ويقول عصمت منصور، من الجبهة الديموقراطية سابقا، وهو أسير سابق أطلق سراحه عام 2013، بعد أن قضى 20 عاما في السجن الإسرائيلي جراء إدانته بتقديم المساعدة لقتل إسرائيلي- “نحن في نضال شعبي ضد الإسرائيليين ويمكننا أن نقاوم ونؤثر على الإسرائيليين، لكن من دون اللجوء إلى العنف”، وموضحا أنه لن يعود إلى طريق الإرهاب ولن يسمح لنجله أن يختار هذه الطريق.
ويضيف منصور، الذي يدرّس اللغة العبرية في الضفة الغربية، أنه على استعداد للاعتراف بدولة إسرائيل والعيش إلى جانبها بسلام في حال تحقّقت مطالب شعبه. حتى أنه ذهب إلى القول خلال التقرير إنه لا يستبعد إمكانية التصويت لرئيس حكومة إسرائيلي في حال أقيمت دولة ديمقراطية واحدة للشعبين.
ويقول عيسى عبد ربه، أسير محرر عام 2013، ضمن مبادرة حسن نية إسرائيلية لأبو مازن مقابل المفاوضات، والذي أدين بمقتل شابين إسرائيليين بطلقة في رأسهما، “لو استطعنا أن نعيد الوقت إلى الوراء لم كنت قتلت هذين الإسرائيليين”. ويوضح عبد ربه، قائلا “أحمل اليوم غضن زيتون بدل البندقية، وأحارب إسرائيل بالكلمة”، مضيفا ” نريد اليوم سلاما ووئاما- قبل 30 سنة كنا نقول “فلسطين كاملة”، اليوم نحن نطالب بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 أو حتى دولة واحدة”.
وعلى نقيض هؤلاء الذين يتغيّرون، ثمة من يبقى على مواقفه المتعصبة ضد دولة إسرائيل، لكن حتى عند هؤلاء يطرأ تغييرا واضحا وهو رفضهم للعنف. وهو حال جلال رمانة الذي تحرر من السجن الإسرائيلي قبل سنة ونصف، وكان رمانة قد حاول أن يفجر سيارة في القدس دون نجاح مما أدى إلى إصابته على نحو خطير. ويقول رمانة إنه لا ينتمي اليوم لحركة حماس، وهو منشغل في تعليم اللغة العبرية.
لكن رمانة متمسك بمواقفه المتعصبة، رغم أنه حصل على لقب ثاني من الجامعات الإسرائيلية، ويقول “يجب على الإسرائيليين أن يدركوا أن التجربة الصهيونية فشلت”، ويضيف “إسرائيل لن تبقى كثيرا، ولن يكون زوالها جرّاء سفك الدماء. اليهود سيفهمون بأنفسهم أنهم أخطأوا”. لكنه يشدد على أن العنف ليس الحل على أية حال.